للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يعلم مقدار الحمل، أو اللبن، وإن كان قد نهي عن بيع الحمل منفردًا، وكذلك اللبن عند الأكثرين .. » (١).

وابن تيمية، وإن مثل لقاعدته في الغرر التابع، والغرر اليسير؛ لأن ابن تيمية من عادته إذا ساق الأمثلة، اختار من الأمثلة ما لا نزاع فيه، ولكن العبرة بالقاعدة التي ساقها ابن تيمية، فإنه رخص في الغرر إذا دعت إليه الحاجة، والغرر الذي تبيحه الحاجة أعم من الغرر اليسير أو التابع، فهذان يباحان مع قيام الحاجة، وبدونها.

ويقول ابن تيمية أيضًا: «من أصول الشرع، أنه إذا تعارض المصلحة، والمفسدة قدم أرجحهما، فهو إنما نهى عن بيع الغرر، لما فيه من المخاطرة التي تضر بأحدهما، وفي المنع مما يحتاجون إليه من البيع ضرر أعظم من ذلك، فلا يمنعهم الضرر اليسير، بوقوعهم في الضرر الكثير، بل يدفع أعظم الضررين باحتمال أدناهما، ولهذا لما نهاهم عن المزابنة، لما فيها من نوع ربا، أو مخاطرة، أباحها لهم في العرايا للحاجة؛ لأن ضرر المنع من ذلك أشد، وكذلك لما حرم عليهم الميتة؛ لما فيها من خبث التغذية، أباحها لهم عند الضرورة؛ لأن ضرر الموت أشد، ونظائره كثيرة ... » (٢).

ويقول ابن تيمية أيضًا: «وإذا كانت مفسدة بيع الغرر، هي كونه مظنة العداوة، والبغضاء، وأكل الأموال بالباطل، فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة، قدمت عليها، كما أن السباق بالخيل والسهام، والإبل لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض، وإن لم يجز غيره بعوض» (٣).


(١) القواعد النورانية (ص: ١١٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٣٨ - ٥٣٩).
(٣) المرجع السابق (٢٩/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>