للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ الصديق الضرير في كتابه القيم الغرر وأثره في العقود:

«يشترط لتأثير الغرر في العقد ألا يكون الناس في حاجة إلى ذلك العقد، فإن كانت هناك حاجة إلى العقد لم يؤثر الغرر مهما كانت صفة الغرر، وصفة العقد؛ لأن العقود كلها شرعت لحاجة الناس إليها، ومن مبادئ الشريعة العامة المجمع عليها، رفع الحرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨]، ومما لا شك فيه أن منع الناس من العقود التي هم في حاجة إليها، يجعلهم في حرج، ولهذا كان من عدل الشارع، ورحمته بالناس، أن أباح لهم العقود التي يحتاجون إليها، ولو كان فيها غرر» (١).

ويقول أخونا الشيخ خالد المصلح: «ألا تدعو إلى الغرر حاجة عامة، فإن الحاجات العامة تنزل منزلة الضرورات .... فإذا دعت حاجة الناس إلى معاملة فيها غرر لا تتم إلا به فإنه يكون من الغرر المعفو عنه ... » (٢).

وقد أجمع العلماء على جواز الغرر التابع وإن كان كثيرًا، فلو أن رجلًا باع ألف نخلة، وفي كل نخلة ثمر لم يبد صلاحه، جاز دخول الثمرة في الصفقة، مع أنه لا يجوز بيعه منفردًا؛ لوجود الغرر فيه، ومع أن الغرر كثير، وقيمة الثمر في العقد كبيرة جدًا، ومع ذلك جاز بيعه، لقيام الحاجة إلى جوازه. فكذلك الغرر في التأمين مقيس عليه، وإن كان كثيرًا، بجامع الحاجة العامة، فالناس اليوم بأشد الحاجة إلى التأمين.

وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة لما فيها من الربا، ورخص في العرايا لحاجة الناس فالضرر الحاصل بترك التأمين أكثر من الضرر الحاصل في الوقوع


(١) الغرر وأثره في العقود (ص: ٦٠٠) الطبعة الثانية.
(٢) الحوافز التجارية (ص: ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>