للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقوى، ووضع الحقوق في مواضعها، والقمار إنما يراد به الفجور، والزيغ عن الحق، واجتياح الأموال بغير حلها، فكم بين هذين، ومتى سوي الغي بالرشاد، مع أن الذي جاء بتحريم القمار، هو الذي سن الخرص، وأباحه، وأذن فيه، فما جعل قوله هاهنا مقبولًا، وهاهنا مردودًا» (١).

الدليل الرابع للمانعين من التأمين التجاري.

عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذه بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء: ٢٩].

[وجه كون التأمين فيه أكل مال الغير بالباطل]

أن الخطر المؤمن عنه إذا لم يقع فإن الأقساط التي دفعها المستأمن أصبحت حقًا خالصًا للمؤمن بدون مقابل.

وقد يدفع المستأمن قسطًا، أو قسطين، فيقع الخطر، فيأخذ مبلغ التأمين بالكامل، ويكون أضعاف ما دفع، وهذا من قبيل أكل المال بالباطل (٢).

[ويناقش هذا الدليل]

بأن المخالف ينازع في دعوى أن عقد التأمين فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، فالضمان الذي يلتزمه المؤمن بتحمل تبعات الأخطار التي تجري على مال المستأمن، هذا الضمان، هو شغل لذمته إلى أن يبرأ منه بتحمل الخطر عند


(١) الأموال (ص: ٥٩٣)، وقد نبه إلى هذا الدكتور رفيق يونس المصري في كتابه الخطر والتأمين (ص: ٧٤).
(٢) انظر التأمين بين الحظر والإباحة - محمد الصالح (ص: ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>