للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجود سببه، وهذا الالتزام هو الذي دفع المستأمن إلى قبول المغامرة في ماله، سواء في نقله من دولة إلى دولة، أو الدخول في صفقات تجارية، أو تعرضه للحوادث بسبب مخاطر محتملة، فكيف يقال: إن ذلك بدون مقابل.

فمحض الالتزام فيه منفعة مقصودة، ومصلحة مشروعة، والمنافع تعتبر من الأموال، وقد أجاز الحنفية والحنابلة أخذ الربح مقابل الضمان، حيث أجازوا شركة الوجوه، وهي شركة على الذمم من غير صنعة، ولا مال، حيث يتعاقد اثنان فأكثر، بدون رأس مال، على أن يشتريا نسيئة، ويبيعا نقدًا، ويقتسما الربح بينهما بنسبة ضمانهما للثمن، ويتخرج على مذهبهم، أنه لو اشترك وجيه مع آخر على الضمان، والربح مناصفة، ولم يشتر الثاني، ولم يبع شيئًا، فإنه يستحق الربح لمجرد الضمان (الذي هو مجرد التزام مال في الذمة) بدون بذل مال، أو عمل، وقد جاء في مجلة الأحكام العدلية «استحقاق الربح في الوجوه إنما هو بالضمان» (١).

كما أن حديث الخراج بالضمان دليل قوي جدًا، على أن الضمان له قيمة مالية، فالخراج يراد به: ما يخرج، ويحصل من غلة العين، وذلك بأن يشتري الرجل سلعة، فيستغلها زمنًا، ثم يعثر فيها على عيب فيها، فله رد العين المعيبة، وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله؛ لأن المبيع لو تلف في يده، لكان في ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء، والباء في قوله: «بالضمان» سببية، أي الخراج مستحق بسبب الضمان (٢).

وهذا التلف احتمالي، وقد يكون نادرًا، ومع ذلك فالخراج له بسبب أنه قد شغل ذمته بالضمان لهذا الخطر الاحتمالي النادر، وهو ضمان مجرد ما دام أن


(١) المادة (١٤٠٠).
(٢) انظر حاشية السندي (٧/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>