للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كنا قد وفقنا في مناقشة هذه الأدلة التي يظن أنها ناقلة من الإباحة إلى التحريم، فإن للمجيز أن يقول: لم تسلم أدلتكم من الاعتراض، فلم تبق عندي ناقلة عن الأصل العظيم، وهو أن الأصل في معاملات المسلمين الحل، حتى يقوم الناقل الصحيح الصريح السالم من الاعتراض، وهذا ما لم يوجد، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب، وقد صحح الحنابلة مثل ذلك.

قال في المغني: «ويصح ضمان أرش الجناية، سواء كانت نقودًا، كقيم المتلفات، أو حيوانًا كالديات» (١).

لأن جهل ذلك لا يمنع وجوبه بالإتلاف، فلم يمنع جوازه بالالتزام.

وقال أيضًا: «وقد دلت مسألة الخرقي على أحكام منها، صحة ضمان المجهول: لقوله: ما أعطيته فهو علي، وهذا مجهول، فمتى قال: أنا ضامن لك ما على فلان، أو ما يقضي به عليه، أو ما تقوم به البينة، أو ما يقر به لك، أو ما يخرج في روز مانحك صح الضمان، وبهذا قال الإمام أبو حنيفة ومالك» (٢).

وقال ابن تيمية: «ضمان السوق، وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر من الديون، وما يقبضه من الأعيان المضمونة ضمان صحيح، وهو ضمان ما لم يجب، وضمان المجهول، وذلك جائز عند جمهور العلماء كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل» (٣).


(١) المغني (٤/ ٣٤٦).
(٢) المغني (٤/ ٣٤٥).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>