للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول الشيخ رحمه الله «فيربح فيه وليس هو قادرًا على إعطائه» أما الربح فيه فليس منهيًا عنه ما دام مضمونًا عليه؛ لأن المحذور أن يربح فيما لم يضمن، كما لو باعه شيئًا معينًا لم يدخل ملكه، فيربح فيه قبل أن يدخل في ضمانه، وأما السلم الحال والمؤجل فهو بيع شيء موصوف في ذمته، مضمون عليه، فلا حرج في الربح فيه.

وأما قول الشيخ: «وليس هو قادرًا على إعطائه»

إن كان المقصود ليس قادرًا على إعطائه في مجلس العقد فمسلم، وهذا لا يمنع صحة السلم؛ لأن حلول السلم لا يعني وجوب التقابض في مجلس العقد، كما لو باعه عينًا معينة غائبة موصوفة، فإن البيع يعتبر حالًا، ويعطى من الوقت ما يمكنه من إحضار السلعة، وإن كان المقصود ليس قادرًا على إعطائه مطلقًا فغير مسلم؛ لأننا نشترط في السلم الحال أن تكون السلعة موجودة في السوق، فلا يسلم حالًا في وقت الصيف في فاكهة لا توجد إلا في الشتاء أو العكس.

[الدليل الثاني لابن تيمية]

ذكر رحمه الله بأن السلعة إذا لم تكن عنده، فقد يحصل عليها، وقد لا يحصل عليها، وهذا نوع من الغرر، وإن حصله، فقد يحصله بثمن أعلى مما تسلفه، فيندم، وقد يحصله بسعر أرخص من ذلك، فيندم المسلف؛ لأنه كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك الرخص، فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة، كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد، يباع بدون ثمنه، فإن حصل ندم البائع، وإن لم يحصل ندم المشتري (١).


(١) انظر تفسير آيات أشكلت (٢/ ٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>