للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أبرز الأمثلة على ذلك دود القز، فقد مر عهد طويل في بعض البلاد، والناس لا يرون لدود القز أي جدوى، إذ لم يكونوا يقبلون عليه بأي محاولة استفادة، إما لجهلهم بما فيه من المزية المعروفة، وإما لجهلهم بسبل الوصول إلى هذه المزية فيه، ومن ثم فلم يكن التعامل به مشروعًا فلما تبدلت الأحوال وتنبه الناس إلى ما فيه من مزية وتمرسوا بسبل استخراج الحرير منه تغير الحكم، فأصبح التعامل به مشروعًا، بل أصبح مصدرًا من مصادر الثروة والتجارة» (١).

وإذا ثبت أن التمول مرده إلى العادة والعرف، فلقد أصبح العرف في هذا الزمن في بلاد الناس كافة تعتبر حق المؤلف حقًا ماليًا، لا يجوز الاعتداء عليه.

السبب الثاني:

أن الكتاب مهما عظمت فائدته المعنوية، ومهما كان محل رغبة عالية من جماهير الناس، فإن القيمة المالية التي يمكن أن تقدر تلك الفائدة بها تذوب وتختفي إزاء قيمة الجهد الكبير الذي كان الناس يبذلونه في سبيل رصد هذه الفائدة وتسجيلها، بحيث تبدو قيمة النسخ مساوية أو أغلى من قيمة المضمون العلمي أو الفكري للكتاب ......

ولهذه المسائل نظائر معروفة في حياتنا اليوم، وهو أننا كثيرًا ما نتأكد من وجود معادن ثمينة داخل بقعة من الأرض التي في حوزتنا، غير أن السعي إلى استخراج هذه المعادن وتصفيتها يتطلب من الجهد والتكاليف ما قد يربو ثمنه على قيمة تلك المعادن ووجوه الاستفادة منها .. ولا ريب أن قيمة تلك المعادن تضمحل وتذوب إزاء الجهود والصعوبات التي تقف في طريق استخراجها،


(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي - العدد الخامس - الجزء الثالث (ص: ٢٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>