للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتبر كما قال أبو داود: من الأحاديث التي يدور الفقه عليها. اهـ

بل إن هذا الحديث نصف الفقه، وذلك أن الأحكام: إما لجلب مصلحة، أو لدفع مضرة (١).

لأن الشريعة إما أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، والأول تجلب فيه المصالح، والثاني تدفع فيه المضار.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار)

فيه نفي الضرر، وليس المراد نفي وقوعه، ولا إمكانه، فدل على أنه لنفي الجواز، وإذا انتفى الجواز ثبت التحريم، فالحديث يوجب منعه مطلقًا، ويشمل بعمومه الضرر العام والخاص، ويشمل ذلك دفعه قبل الوقوع بطرق الوقاية الممكنة، ورفعه بعد الوقوع بما يمكن من التدابير التي تزيل آثاره، وتمنع تكراره، وتدل أيضًا على وجوب اختيار أهون الشرين لدفع أعظمهما؛ لأن في ذلك تخفيفًا للضرر عندما لا يمكن منعه بتاتًا (٢).


= ورجح ابن رجب الطريق المرسل على الطريق المتصل في جامع العلوم والحكم (ص: ٣٠٤).
هذا ما وقفت عليه من طريق الحديث، ولعل الحديث لا ينزل عن رتبة الحسن، فإن كثرة طرقه يقوي بعضها بعضًا، وقد حسن الحديث جماعة من أهل العلم،
منهم النووي في المجموع (٨/ ٢٣٨). وابن رجب كما في جامع العلوم والحكم (ص: ٣٠٢)، ونقل عن أبي عمرو بن الصلاح تحسينه، وقال أيضًا: تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به، وقول أبو داود: إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها يشعر بكونه غير ضعيف. اهـ وانظر خلاصة البدر المنير (٢/ ٤٣٨).
(١) شرح الكوكب المنير (ص: ٥٩٨).
(٢) انظر الإبهاج (٣/ ١٦٦)، المدخل الفقهي العام (٢/ ٩٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>