للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني]

اختار أبو يوسف أنه متى اشتراه وحبسه فهو احتكار، سواء اشتراه من مكان بعيد، أو من مكان قريب، لا فرق في ذلك (١).

ووجهه: أن المعنى الذي منع من أجله الاحتكار في المصر لما في ذلك من الإضرار بالعامة، وهو متحقق هنا، فإنه متى ما حبس المبيع عن الناس، ارتفع سعره عليهم، وإذا كانت العلة من منع الاحتكار: هو ارتفاع الأسعار بسبب ذلك، لم يكن هناك فرق بين ما اشتراه من مكان قريب، وما اشتراه من مكان بعيد.

[الشرط الثاني]

اشترط المالكية (٢)، والشافعية (٣) والحنابلة (٤) أن يكون اشتراه زمن الغلاء، فإن اشتراه زمن الرخص، فحبسه ليرتفع سعره، فليس بمحتكر عندهم.

وهو معنى قول الحنفية وغيرهم أن يكون احتكاره مضرًا بالناس، لأنه لا يضر


(١) بدائع الصنائع (٥/ ١٢٩).
وفيه قول آخر لأبي يوسف أنه إذا اشتراه من مكان بعيد، واحتكره، فليس بحكرة، جاء في حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٩٩): «بأن القدوري قال في التقريب: وقال أبو يوسف: إن جلبه من نصف ميل، فإنه ليس بحكرة، وإن اشتراه من رستاق، واحتكره حيث اشتراه، فهو حكرة، قال: فعلم أن ما جلبه من مصر آخر ليس بحكرة عند أبي يوسف أيضًا؛ لأنه لا يثبت الحكرة فيما جلبه من نصف ميل، فكيف فيما جلبه من مصر آخر. نص على هذا الكرخي في مختصره».
(٢) قال الباجي في المنتقى (٥/ ١٦): «ويتعلق المنع بمن يشتري في وقت الغلاء أكثر من مقدار قوته .. ».
(٣) مغني المحتاج (٢/ ٣٨)، أسنى المطالب (٢/ ٣٧ - ٣٨) ..
(٤) الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ٤٢)، المغني (٤/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>