للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبر الحنفية بالكراهة، والمقصود كراهة التحريم، قال في فتح القدير: «فهذه الكراهات كلها تحريمية، لا نعلم خلافًا في الإثم» (١).

قال ابن الجلاب: «ولا يجوز النجش في البيوع ... ولا ينبغي أن يقر الغش في شيء من أسواق المسلمين بوجه من الوجوه، ولا يسمح فيه لأحد» (٢).

وقد قيد الحنفية وابن العربي من المالكية بأن الممنوع في النجش أن يزيد في ثمن السلعة على قيمتها، فإن بَلَّغَها قيمتها، وهو لا يريد شراءها لم يكن ذلك ممنوعًا.

«قال ابن العربي: الذي عندي أنه إن بلغها الناجش قيمتها، ورفع الغبن عن صاحبها، فهو مأجور، ولا خيار لمبتاعها» (٣).

وهذا الذي قاله ابن العربي قريب من مذهب الحنفية:

قال الكاساني بعد أن عرف النجش، وبين أنه مكروه، قال: «وهذا إذا كان المشتري يطلب السلعة من صاحبها بمثل ثمنها فأما إذا كان يطلبها بأقل من ثمنها، فنجش رجل سلعة حتى تبلغ إلى ثمنها، فهذا ليس بمكروه وإن كان الناجش لا يريد شراءها والله عز وجل أعلم» (٤).

ولم يقيد الشافعية التحريم في هذا الباب كون الناجش عالمًا بالنهي كما قيدوا ذلك في البيع على بيع أخيه.

وفي ذلك يقول النووي: «واعلم أن الشافعي أطلق القول بتعصية الناجش (٥)،


(١) فتح القدير (٦/ ٤٧٦)، وانظر البحر الرائق (٦/ ١٠٧).
(٢) التفريع (٢/ ١٦٧).
(٣) منح الجليل (٥/ ٥٩).
(٤) ب ... دائع الصنائع (٥/ ٢٣٣)، وانظر فتح القدير (٦/ ٤٧٦).
(٥) نقل الرملي عن الشافعي في نهاية المحتاج أنه يشترط في الناجش أن يكون عالمًا بالنهي، ونقلناه عنه في الكلام المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>