للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضافًا إلى الشارع من حيث إنه شرع عقدًا موجبًا للمعصية، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا (١).


(١) جاء في تبيين الحقائق للزيلعي (٥/ ١٢٥): «ولا يجوز - يعني الاستئجار - على الغناء والنوح والملاهي؛ لأن المعصية لا يتصور استحقاقها بالعقد، فلا يجب عليه الأجر من غير أن يستحق هو على الأجير شيئًا، إذ المبادلة لا تكون إلا باستحقاق كل واحد منهما على الآخر، ولو استحق عليه للمعصية لكان ذلك مضافًا إلى الشارع من حيث إنه شرع عقدًا موجبًا للمعصية تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا».

وجاء في البدائع (٥/ ١٦٩): «ولو اشترى جارية على أنها مغنية على سبيل الرغبة فيها، فالبيع فاسد؛ لأن التغنية صفة محذورة، لكونها لهوًا، فشرطها في البيع يوجب فساده، ولو اشترى جارية على أنها مغنية على وجه إظهار العيب، جاز البيع؛ لأن هذا البيع بشرط البراءة عن هذا العيب، فصار كما لو باعها بشرط البراءة عن عيب آخر، فإن وجدها لا تغني لا خيار له؛ لأن الغناء في الجواري عيب، فصار كما لو اشترى على أنه معيب، فوجده سليمًا .. ».
فمن اشترى الجارية، وكشف عن غرضه منها، وهو كونها مغنية، فإن هذا الباعث غير مشروع، ويكون العقد فاسدًا، فإن كان ذكر الغناء ليس لبيان الغرض من العقد، وإنما هو لبيان العيب، فأراد البائع أن يبرأ من هذا العيب، فاشترط البراءة على المشتري، فإن العقد صحيح؛ لأن العقد لم يكن الباعث عليه كونها مغنية.
ويقول الدردير من المالكية: «ولا يصح كراء دار، لتتخذ كنيسة، أو مجمعًا لفاسق، أو خمارة، ويفسخ متى اطلع عليه .. ».
فقوله: لتتخذ كنيسة يريد بذلك أنه نص على هذا الغرض في العقد، وإلا لو لم ينص، وظهر من المستأجر ذلك لم يفسخ العقد عندهم.
جاء في التاج والإكليل (٥/ ٤٣٥): «وإذا ظهرت من مكتري الدار خلاعة، وفسق، وشرب خمر لم ينتقض الكراء، ولكن الإمام يمنعه من ذلك، ويكف أذاه عن الجيران ... ».
ويقول الخرشي (٧/ ٣٣): «الإجارة لا تنفسخ بظهور المستأجر فاسقًا يشرب فيها الخمر، أو يزني، أو نحو ذلك .. ».
ويقول ابن قدامة في المغني (٥/ ٣٢١): «ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة، أو بيعة، أو يتخذها لبيع الخمر، أو القمار» ثم علل المنع بقوله: «فعل محرم، فلم تجز الإجارة عليه كإجارة عبده للفجور».

<<  <  ج: ص:  >  >>