للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون نقل الملك في البناء، لا في الأرض والعرصة، فلو زال بناؤه لم يكن له أن يبيع الأرض، وله أن يبنيها ويعيدها كما كانت، وهو أحق بها، يسكنها، ويسكن فيها من شاء، وليس له أن يعاوض على منفعة السكنى بعقد الإجارة، فإن هذه المنفعة إنما يستحق أن يقدم فيها على غيره، ويختص بها لسبقه وحاجته، فإذا استغنى عنها لم يكن له أن يعاوض عليها، كالجلوس في الرحاب، والطرق الواسعة، والإقامة على المعادن، وغيرها من المنافع، والأعيان المشتركة التي من سبق إليها فهو أحق بها، ما دام ينتفع فإذا استغنى لم يكن له أن يعاوض» (١).

وقال ابن تيمية: «المانع من إجارتها كونها أرض المشاعر، التي يشترك في استحقاق الانتفاع بها جميع المسلمين، كما قال تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج:٢٥].

فالساكنون بها أحق بما احتاجوا إليه؛ لأنهم سبقوا إلى المباح كمن سبق إلى مسجد، أو طريق، أو سوق، وأما الفاضل فعليهم بذله؛ لأنه إنما لهم أن يبنوا بهذا الشرط، لكن العرصة مشتركة في الأصل ... » (٢)

وتعقب ابن تيمية رحمه الله:

بأن الآية في قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج:٢٥] المقصود في الآية أمكنة المشاعر، فهذه التي لا شك أنها لا تملك، كعرفات، ومنى، ومزدلفة، ومثله المسجد الحرام، وأما الأرض التي ليست مشعرًا فيجوز بيعها وإجارتها.


(١) زاد المعاد (٣/ ٤٣٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>