للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الحنابلة مثله إلا أنهم لم يقيدوا ذلك للشفة، بل يجب بذل فضل الماء للشفة والزرع (١).

[القول الثاني]

ذهب المالكية إلى أن كل من حفر في أرضه، أو داره بئرًا، فله بيعها، وبيع مائها كله، وله منع المارة من مائها إلا بثمن إلا على قوم لا ثمن معهم، وخافوا هلاكًا على أنفسهم، أو دوابهم، فيجب عليه أن يبذل لهم مجانًا، ولو كانوا أغنياء في بلادهم، أما إذا كان معهم مال فبالثمن باتفاق أهل المذهب.

وكذلك يجب بذل فضل الماء إذا انهارت بئر جاره، وله زرع يخاف عليه التلف، فعليه أن يبذل له فضل مائه، ما دام متشاغلًا بإصلاح بئره، واختلف أصحاب مالك، هل يكون ذلك بثمن أو بغير ثمن.

فقال بعضهم: يجبر، ويعطى الثمن.

وقال بعضهم: يجبر، ولا ثمن له، وجعلوه كالشفاه من الآدميين والمواشي.

وإن كانت البئر محفورة في أرض موات، لا مالك لها، فأهلها أحق بريهم، ثم الناس سواء في فضلها (٢).


(١) الإنصاف (٦/ ٣٦٥)، المغني (٤/ ٧١)، كشاف القناع (٣/ ١٦٠)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل (٣/ ١١)، الروض المربع (٢/ ٣٣)، قال في المغني (٤/ ٧١): قال أحمد: لا يعجبني بيع الماء البتة.
(٢) التمهيد (١٣/ ١٣٠ - ١٣١)، الشرح الكبير (٤/ ٧٢)، وقسم ابن جزي الماء بالنظر إلى تملكه والانتفاع به إلى أقسام، فقال في القوانين الفقهية (ص: ٢٢٢): «القسم الأول: ماء خاص، وهو الماء المتملك في الأرض المتملكة كالبئر والعين، فينتفع به صاحبه، وله أن يمنع غيره من الانتفاع به، وأن يبيعه، ويستحب له أن يبذله بغير ثمن، ولا يجبر على ذلك، إلا أن يكون قوم اشتد بهم العطش، فخافوا الموت، فيجب عليه سقيهم، فإن منعهم فلهم أن يقاتلوه على ذلك، وكذلك إن انهارت بئر جاره، وله زرع يخاف عليه التلف، فعليه أن يبذل له فضل مائه، ما دام متشاغلًا بإصلاح بئره .. »، وانظر بداية المجتهد (٢/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>