للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينما الشافعي والرواية الثانية عن أحمد، والتي رجحها ابن تيمية يرون أن المانع من المعاوضة عليها؛ ليس لأنها ليست مالًا، وإنما لأن المرافق يجب بذلها مجانًا إذا لم يكن على صاحبها ضرر في بذلها، وهو أقوى من تعليل الحنفية؛ لأن المنافع على الصحيح تعتبر مالًا يقع عليها البيع كما تقدم في بحث مالية المنافع.

(ث - ١) واستدلوا بما رواه مالك في الموطأ عن عمرو بن يحيى المازني،

عن أبيه، أن الضحاك بن خليفة ساق خليجًا له من العريض، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة، فأبى محمد، فقال له الضحاك: لم تمنعني، وهو لك منفعة، تشرب به أولا وآخرًا، ولا يضرك؟ فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر ابن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا. فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع، تسقي به أولًا وآخرًا، وهو لا يضرك؟ فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به، ففعل الضحاك (١).

وأجيب عنه:

الأول: أنه مرسل، يحيى المازني لم يدرك عمر، والمرسل من قبيل الضعيف، وقد صحح إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (٢).

الثاني: على فرض أنه صحيح، فإنه حكم لعمر موقوف عليه، خالفه فيه صحابي جليل، وهو محمد بن مسلمة، وهو من كبار الصحابة، وممن شهد بدرًا، ولو كان يعلم أن ذلك قضاء الله، وقضاء رسوله صلى الله عليه وسلم لم يمتنع عن ذلك،


(١) الموطأ (٢/ ٧٤٦).
(٢) فتح الباري (٥/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>