للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحملون كلام ابن تيمية الوارد في تغريم المماطل نفقات وتكاليف الشكاية المألوفة عرفًا والناتجة عن رفع الدعوى إلى المحاكم ليصل الدائن إلى حقه ويدفع الضرر عن نفسه على جواز التعويض عن الضرر المالي الفعلي، وليس عن التعويض على الفرص والمكاسب الفائتة (١).

يقول ابن تيمية: «إذا كان الذي عليه الحق قادرًا على الوفاء، ومطله حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المماطل، إذا غرمه على الوجه المعتاد» (٢).

[ويناقش]

وللمتأمل أن يقول: إن تغريم نفقات الشكاية ليس تعويضًا عن الضرر المالي لحبس ما في الذمة، وإنما لأن المماطل تسبب للدائن في نفقات مالية إضافية بسبب مطله، فتضاف إلى المال المحبوس، فوجب على المدين تحملها لكونه المتسبب له في ذلك. وليس في ذلك دفع أي تعويض عن منافع المال المحبوس، والذي هو محل النزاع، ولذلك لو تأخر في دفع نفقات الشكاية لا يقال: يدفع تعويضًا ماليًا لتأخره.


(١) يقول الشيخ سليمان التركي في كتابه بيع التقسيط (ص: ٣٢٢): «إذا أثبت الدائن أنه تضرر تضررًا فعليًا من جراء مماطلة المدين، كأن أدى هذا المطل إلى إخلال الدائن بما عليه من التزامات مؤجله ترتب عليها بيع ماله بثمن بخس لأجل الوفاء بتلك الالتزامات، وهذا ضرر واقع حقيقة، وليس متوقعًا، أو مفترضًا ولو بغلبة ظن، فالحكم على المدين المماطل حينئذ بالتعويض عن الضرر الناتج فعليًا عن مطله وظلمه أمر لا يخرج عن أنظار المجتهدين، ثم ساق كلام ابن تيمية في تغريم المماطل نفقات الشكاية. وقد استفاد الشيخ هذا الكلام من تعليق الدكتور زكي الدين شعبان على بحث الأستاذ مصطفى الزرقاء (ص: ١٩٨).
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٠/ ٢٥)، الإنصاف (٥/ ٢٧٦)، كشاف القناع (٣/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>