للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجود الفعل، كالقاتل، والزاني، والسارق، فإنها لا تتناول المسمى إلا بعد وجود القتل والسرقة والزنا، فكذلك البيع لا يطلق عليه اسم البائع إلا بعد وجود البيع منه، والبيع يوجد بعد إتمام العقد بالإيجاب والقبول، لا قبله.

وأما دليله من حيث الشرع، فإنه لو قال شخص لعبده: إذا بعتك فأنت حر، فإنه لا يعتق عليه بالمساومة، بل إذا تم العقد عتق عليه (١).

ومنها: أن حمل لفظ المتبايعين على المتساومين من قبيل المجاز، ولا يتحول إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا الحمل يجعل تقدير الحديث: أن المتساومين بالخيار إن شاءا عقدا البيع، وإن شاءا لم يعقداه، وهذا تحصيل الحاصل؛ لأن كل واحد يعرف ذلك، فيصان كلام الشارع عن مثل هذا الحمل (٢).

[م-٤٤٤] وأما تفسير مالك بالنهي عن البيع على بيع أخيه بأن المراد به النهي عن السوم على سومه، فهو أمر قد اختلف فيه العلماء.

قال في الفواكه الدواني: «اختلف الناس ... فمنهم من فهم أن السوم والبيع شيء واحد، وهو الزيادة في الثمن على عطاء الغير.

ومنهم من فهم أنهما شيئان، فالسوم الزيادة في الثمن، والبيع متعلق بالمثمن: الذي هو السلعة .. » (٣).

ومن التأويل قولهم: إن المراد بالتفرق بالحديث التفرق بالأقوال، لا التفرق بالأبدان لقوله تعالى: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ} [النساء:١٣٠]


(١) انظر الحاوي للماوردي (٥/ ٣٥)، المجموع للنووي (٩/ ٢٢٢).
(٢) انظر فتح الباري (٤/ ٣٣١).
(٣) الفواكه الدواني (٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>