للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق الجواب عن الأدلة المذكورة والتي رأى فيها المخالفون أنها ناسخة لحديث خيار المجلس عند سياق أدلة المخالفين، فأغنى عن إعادته هنا.

وأما القول بأن مالكًا قد احتج بعمل أهل المدينة فإن كلامه ليس صريحًا في هذا، وإنما أخذ ذلك من قوله في الموطأ عن خيار المجلس: «وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به».

جاء في الاستذكار: «لا يجوز لأحد أن يدعي في هذه المسألة إجماع أهل المدينة؛ لأن الاختلاف فيها موجود بها، قال: وإنما معنى قول مالك: وليس لهذا عندنا حد معروف: أي ليس للخيار عندنا حد معروف؛ لأن الخيار عنده ليس محدودًا بثلاثة أيام، كما حده الكوفيون والشافعي، بل هو على حسب حال المبيع، فمرة يكون ثلاثة أيام، ومرة أقل، ومرة أكثر، وليس الخيار في العقار كمثله في الدواب والثياب، هذا معنى قوله ذلك» (١).

وجاء في الفتح: «اشتد إنكار ابن عبد البر وابن العربي على من زعم من المالكية أن مالكًا ترك العمل به لكون عمل أهل المدينة على خلافه، قال ابن العربي: إنما لم يأخذ به مالك؛ لأن وقت التفرق غير معلوم، فأشبه بيوع الغرر، كالملامسة» (٢).

قال ابن عبد البر: «لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة؛ لأن الاختلاف فيها بالمدينة معلوم، وأي إجماع يكون في هذه المسألة إذا كان المخالف فيها عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، وابن شهاب، وابن أبي ذئب، وغيرهم، وهل جاء فيها منصوصًا الخلاف إلا عن أبي الزناد،


(١) الاستذكار (٢٠/ ٢٣٣).
(٢) فتح الباري (٤/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>