للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

حد التفرق بالأبدان عند القائلين بخيار المجلس

قضت أحاديث خيار المجلس أن البيع لا يلزم إلا بالتفرق، وقد رجحنا أن المراد بالتفرق: تفرق الأبدان.

[م -٤٦٥] فما هو الضابط في التفرق؟ اختلف العلماء في ذلك على أربعة أقوال:

[القول الأول]

أن الضابط في التفرق: هو عرف الناس وعاداتهم؛ لأن الشارع علق عليه حكمًا، ولم يبينه، فدل ذلك على أنه أراد ما يعرفه الناس، كالقبض والإحراز. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (١).

قال العراقي: «لم يذكر في الحديث للتفرقة ضابطًا، ومرجعه العرف» (٢).


(١) انظر في مذهب الشافعية: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٥/ ١٨)، أسنى المطالب (٢/ ٤٨)، إعانة الطالبين (٣/ ٢٧)، غاية البيان (ص: ١٨٧).
وانظر في مذهب الحنابلة: كشاف القناع (٣/ ٢٠٠)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٦)، المغني (٤/ ٦).
(٢) طرح التثريب (٦/ ١٥٥)، وقال في مغني المحتاج (٢/ ٤٥): «ويعتبر في التفرق العرف، فما يعده الناس تفرقا يلزم به العقد، وما لا فلا؛ لأن ما ليس له حد شرعًا، ولا لغة، يرجع فيه إلى العرف فإن كانا في دار كبيرة فبالخروج من البيت إلى الصحن، أو من الصحن إلى الصفة، أو البيت. وإن كانا في سوق، أو صحراء، أو في بيت متفاحش السعة، فبأن يولي أحدهما الآخر ظهره، ويمشي قليلا، ولو لم يبعد عن سماع خطابه وإن كانا في سفينة، أو دار صغيرة، أو مسجد صغير، فبخروج أحدهما منه، أو صعوده السطح ولا يحصل التفرق بإقامة ستر، ولو ببناء جدار بينهما; لأن المجلس باق وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين أن يبنياه، أو يبنى بأمرهما، وهو كذلك كما صححه والد الروياني واعتمده شيخي وإن جزم الغزالي بالحصول. وقال الأذرعي وهو المتجه». وانظر المغني لابن قدامة (٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>