للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد المتعاقدين من النهوض في الحال، والمبادرة إلى التفرق حتى لا يختار الآخر فسخ البيع لكان في ذلك حيلة على إسقاط حق الغير، وتفويت المصلحة عليه من الاستفادة من ممارسة حقه، والنظر في الأحظ له من إمضاء البيع أو فسخه، وبالتالي يفوت عليه المقصود من مشروعية الخيار بالنسبة إليه وهب أنك أنت الذي اخترت إمضاء البيع فصاحبك لم يتسع له وقت ينظر فيه ويتروى فنهوضك حيلة على إسقاط حقه من الخيار فلا يجوز حتى يخيره ; فلو فارق المجلس لغير هذه الحاجة من صلاة أو غير ذلك ولم يقصد إبطال حق الآخر من الخيار لم يدخل في هذا التحريم (١).

[دليل من قال: يكره]

استدلوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده السابق، وفسروا قوله: (لا يحل له أن يفارقه) بأن لفظ الحل في الخبر محمول على الإباحة المستوية الطرفين، وليس معنى ذلك التحريم.

قال ابن عبد البر: «قوله: (لا يحل له) لفظة منكرة، فإن صحت فليست على ظاهرها، لإجماع المسلمين أنه جائز له أن يفارقه لينفذ بيعه، ولا يقيله إلا أن يشاء، وفيما أجمعوا عليه من ذلك رد لرواية من روى: (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) فإن لم يكن وجه هذا الخبر الندب، وإلا فهو باطل بإجماع» (٢).

وقال أيضًا: «حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله، فإن هذا معناه إن صح على الندب .... وقد كان


(١) انظر إعلام الموقعين (٣/ ١٣٠).
(٢) التمهيد (١٤/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>