للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعللوا ذلك: بأن البائع لا يملك المبيع بعد بيعه (١).

وإن تصرف البائع بالثمن، نفذ تصرفه، وبطل خياره؛ لأن تصرفه في الثمن دليل على رضاه وإمضائه للبيع.

وقيل: ينفذ تصرف البائع في المبيع، إن قلنا: إن البيع لا ينقل الملك، وكان الخيار لهما، أو للبائع، وهو قول في مذهب الحنابلة (٢).

وقيل: يقع التصرف موقوفًا على انقضاء الخيار، ولا يبطل حق من لم يتصرف من الخيار، فإن انقضى ولا فسخ، صح التصرف، وإن فسخ من لم يتصرف بطل التصرف، وهو قول في مذهب الحنابلة (٣).

[والراجح]

أن التصرف في المبيع أو الثمن تارة يكون ناقلًا للملكية، وهذا لا يجوز، ولا يصح إذا كان الخيار لهما، بصرف النظر عن كون هذا التصرف صدر من مالك أو من غيره، لأن هذا التصرف يؤدي إلى إسقاط حق الغير بغير رضاه، ويعتبر مثل هذا التصرف مسقطًا لخيار من صدر عنه؛ لأنه دليل على إجازته للعقد.

وإن كان الخيار لأحدهما، فيجوز تصرف من كان له الخيار وحده، ويعتبر دليلًا على اختياره إمضاء العقد؛ لأن تصرفه لا يؤدي إلى إسقاط حق غيره.

وإن كان التصرف لا ينقل الملكية، كما لو استخدم المبيع في غير تجربته، فهذا التصرف يسقط خيار من صدر عنه؛ لأنه دليل على إمضاء العقد، ولا يجوز تصرفه هذا إن كان الخيار لهما إلا بإذن الآخر، والله أعلم.

* * *


(١) الإنصاف (٤/ ٣٨٤)، وانظر الكافي (٢/ ٤٨ - ٤٩)، المبدع (٤/ ٧٢).
(٢) المرجع السابق.
(٣) شرح الزركشي (٣/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>