للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنعوا شرط الخيار في عقد الصرف.

وهذه المسألة ترجع إلى مسألة أخرى اختلف فيها المالكية مع جمهور أهل العلم، وهي: هل يجوز تأخير تسليم الثمن في عقد السلم عن مجلس العقد؟

فذهب الجمهور من الحنفية والشافعية، والحنابلة إلى أنه يشترط تسليم الثمن في مجلس العقد، وأنه لا يجوز تأخيره مطلقًا (١).

وبناء عليه لا يجوز اشتراط الخيار فيه؛ لأن خيار الشرط يقتضي تأجيل الثمن، ومقتضى عقد السلم وصحته تتطلب تعجيله، وحينئذ يكون خيار الشرط منافيًا لمقتضى العقد، فيرتد هذا بالبطلان عليه.

وذهب المالكية إلى اشتراط قبض رأس مال السلم في مجلس العقد إلا أنهم أجازوا تأخيره يومين أو ثلاثة أيام، ورأوا أن هذه المدة مدة يسيرة، وهي بحكم التسليم في المجلس لقربها منه.

وسوف تأتينا هذه المسألة إن شاء الله في باب السلم.

وبناء على هذا القول فإنهم أجازوا اشتراط الخيار في عقد السلم بمقدار المدة التي يجوز تأخير تسليم الثمن فيها: يومين أو ثلاثة أيام، بشرط ألا ينقد رأس المال في مجلس العقد؛ لأن نقده، ولو كان طوعيًا يجعل العقد يتردد بين الثمنية والسلفية وبين البيع والسلف.


(١) انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (١٢/ ١٤٣)، فتح القدير (٧/ ٩٧ - ٩٨)، الفتاوى الهندية (٣/ ١٧٨)، بدائع الصنائع (٥/ ١٧٨)، تحفة الفقهاء (٢/ ١٢).
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (٣/ ١٣٦)، أسنى المطالب (١/ ٥١)، حاشية البيجوري (١/ ٦٨٨).
وانظر في مذهب الحنابلة: شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٧)، كشاف القناع (٣/ ٢٠٤)، المبدع (٤/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>