للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمساك بلا أرش، أو الرد، فينبغي أن نستصحب هذا الحكم فيما لو اختار الإمساك، فإذا قلنا: بأنه لا حق له في أخذ الأرش إذا كان المشتري قد حافظ على المبيع، فينبغي ألا يكون له حق في أخذ الأرش إذا لم يحافظ على المبيع من باب أولى، أما إذا اختار الرد فإن عليه دفع ما لحق في السلعة من نقص؛ لأن العيب حدث في زمن كانت السلعة في ضمانه، فيغرم النقص من باب ضمان الإتلاف، كما يضمن ذلك أي شخص يتلف مال غيره، وليست يده يد أمانة حتى يعفى من الضمان، وكما لو أحدث العيب البائع بعد قبض المشتري فإنه يضمن ما أحدث في السلعة من نقص.

قال ابن رشد: «قد أجمعوا على أنه إذا لم يحدث بالمبيع عيب عند المشتري فليس له إلا الرد، فوجب استصحاب حال هذا الحكم وإن حدث عند المشتري عيب مع إعطائه قيمة العيب الذي حدث عنده» (١).

[ويتعقب]

بأن هذا الكلام جيد إلا أنهم في الحقيقة لم يجمعوا على أنه إذا لم يحدث عيب عند المشتري فليس له إلا الرد فالحنابلة يرون كما سبق أن له الإمساك مع أخذ الأرش، نعم القول بالرد بدون أرش هو القول الراجح كما قدمنا، ولم تكن المسألة من مسائل الإجماع.

[الراجح من الخلاف]

أرى أن القول بأن المشتري مخير بين الإمساك بلا أخذ الأرش، وبين رد السلعة وضمان ما ألحقه فيها من تلف هو القول الراجح؛ لأنه متسق مع القواعد الفقهية، وحديث المصراة دليل قوي له؛ لأن المشتري قد خيره الشارع بين


(١) بداية المجتهد (٢/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>