للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني]

للمشتري أن يرجع على البائع بأرش العيب، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة (١)، واختاره ابن سريج من الشافعية (٢)، وابن حزم من الظاهرية (٣).

وجه قول الجمهور على أن المشتري لا يرجع على البائع بشيء:

أن امتناع الرد لم يكن من قبل البائع، وإنما كان بفعل المشتري، لأنه بالبيع صار حابسًا للمبيع، فأشبه ما لو أتلف المبيع.

ولأنه لم ييأس من الرد، فقد يرجع إليه المبيع فيرده على بائعه.

ولا رجوع له بالنقصان: لأنه لولا تصرفه بالبيع لأمكن رد المبيع، وأخذ الثمن.

ولأنه استدرك ظلامته ببيعه، فَغَبَن كما غُبِن، فلم يكن له أرش.

[وجه قول الحنابلة]

استدل ابن قدامة للمذهب بقوله: «لأن البائع لم يوفه ما أوجبه له العقد ولم يوجد منه الرضا به ناقصًا فكان له الرجوع عليه كما لو أعتقه. وقياس المذهب أن له الأرش بكل حال سواء باعه عالمًا بعيبه أو جاهلًا به ; لأننا خيرناه ابتداء بين رده وإمساكه وأخذ الأرش فبيعه والتصرف فيه بمنزلة إمساكه؛ ولأن الأرش عوض الجزء الفائت من المبيع فلم يسقط ببيعه ولا رضاه كما لو باعه عشرة أقفزة وسلم إليه تسعة فباعها المشتري. وقولهم:


(١) الإنصاف (٤/ ٤١٩)، كشاف القناع (٣/ ٢٢٣)، المغني (٤/ ١١٧).
(٢) روضة الطالبين (٣/ ٤٧٥).
(٣) المحلى (مسألة: ١٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>