للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

خلاف العلماء في ثبوت خيار الغبن

قال القرطبي: المالك الصحيح الملك جائز له أن يبيع ماله الكثير بالتافه اليسير ... إذا عرف قدر ذلك، كما تجوز الهبة لو وهب (١).

قلت: خرج بالمالك الوكيل والوصي فلا يجوز لهما هذا.

قال الباجي: لا تنفذ خلابة الخالب على مغبون مستسلم (٢).

[م-٥٧٤] إذا وقع الإنسان في الغبن الفاحش، فإن كان العاقد قد دخل على بينة، ولم يقع تحت تغرير الآخر فليس له الحق في المطالبة في إبطال العقد أو تغييره بحجة الغبن، كما لو اشترى شخص شيئًا أعجبه بثمن يعادل ضعف قيمته من شخص لا يقبل أن يبيعه إلا بهذا الثمن. وذلك لأن الغبن قد رضي به المشتري ولم يقع تحت تغرير البائع، والمشتري نفسه هو الذي أغرى البائع بدفع هذا العوض الكبير ليرضى بالبيع مقابل هذا العوض، والبائع لم يفكر في البيع إلا مع كون البيع فيه غبطة كبيرة له؛ ولأن المشتري إذا كان عالمًا بثمن السلعة، وزاد البائع على قيمتها فهو كالواهب لما زاد، وهذا لا يبطل البيع، وقد حكى القرطبي الإجماع على جواز مثل ذلك.

قال القرطبي: «والجمهور على جواز الغبن في التجارة، مثل أن يبيع رجل ياقوتة بدرهم، وهي تساوي مائة ألف، فذلك جائز، وأن المالك الصحيح


(١) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٥٢).
(٢) المنتقى للباجي (٥/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>