للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الأول]

ذهب الشافعي إلى أن حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه إنما ينهى عن بيع الأعيان المعينة، ليكون بيع الموصوف في الذمة ليس داخلًا تحته، وبناء على هذا القول لا يدخل السلم في النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان (١).

قال الشافعي: «لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكيمًا عن بيع ما ليس عنده، وأذن في السلف (السلم) استدللنا على أنه لا ينهى عما أمر به، وعلمنا أنه إنما نهى حكيمًا عن بيع ما ليس عنده إذا لم يكن مضمونًا عليه، وذلك بيع الأعيان» (٢).


(١) قال الشافعي كما في مختصر المزني (ص: ٥٥٣): «أما حديث حكيم بن حزام، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاه، والله أعلم عن أن يبيع شيئا بعينه لا يملكه، والدليل على أن هذا معنى حديث حكيم ابن حزام - والله أعلم - حديث أبي المنهال، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر من أسلف في تمر سنتين، أو ثلاثا، أن يسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم. وهذا بيع ما ليس عند المرء، ولكنه بيع صفة مضمونة على بائعها، وإذا أتى بها البائع لزمت المشتري، وليست بيع عين، بيع العين إذا هلكت قبل قبض المبتاع انتقض فيها البيع، ولا يكون بيع العين مضمونًا على البائع، فيأتي بمثله إذا هلكت».
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (٣/ ١٧٨): «الصورة الرابعة دل عليها قوله - صلى الله عليه وسلم - (ولا بيع ما ليس عندك)، مثاله: أن يبيع منه متاعًا لا يملكه، ثم يشتريه من مالكه، ويدفعه إليه، وهذا فاسد؛ لأنه باع ما ليس في ملكه حاضرًا عنده، ولا غائبًا في ملكه، وتحت حوزته، قال العلامة البغوي في شرح السنة: هذا في بيوع الأعيان، دون بيوع الصفات، فلذا قيل: السلم في شيء موصوف، عام الوجود عند المحل المشروط يجوز، وإن لم يكن في ملكه حال العقد ... ». وانظر الأم (٣/ ٩٧)، ومختصر المزني (ص: ٩٠).
(٢) الأم (٣/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>