للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتأخير اليسير في حكم المعجل؛ لأن اليسير معفو عنه أشبه المقبوض في مجلس العقد

قال ابن رشد: «هذه القاعدة كثيرًا ما يذكرها الفقهاء، ولم أجد دليلًا يشهد لعينها، فأما إعطاؤه حكم نفسه، فهو الأصل، وأما إعطاؤه حكم ما قاربه، فإن كان مما لا يتم إلا به، كإمساك جزء من الليل، فهذا يتجه، وإن كان على خلاف ذلك، فقد يحتج له بحديث: مولى القوم منهم، وبقوله عليه السلام: المرء مع من أحب ... » (١).

واستدل لهذه القاعدة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان بقوله تعالى:

{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢].

قال الشيخ: «ظاهره أن الإمساك بمعروف إذا بلغن أجلهن، مع أنهن إذا بلغن إلى ذلك الحد خرجن من العدة، وانتهى وجه المراجعة، ولكن المراد هنا: إذا قاربن أجلهن، ولم يتجاوزنه، أو يصلن إليه بالفعل، والقاعدة: أن ما قارب الشيء يعطى حكمه، كما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨].

ومثل الآية: الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، مع أنه عند الإتيان، أو أثناءه لا يحق له أن يقول ذلك، وإنما يقوله إذا قارب دخوله» (٢).

«ومن جهة الاعتبار: أن إلحاق ما قارب الشيء به دليل على أن هذا الشيء


(١) الدليل الماهر الناصح شرح المجاز الواضح (ص: ٣٥).
(٢) أضواء البيان (٨/ ٢١٢)، وانظر كتاب القواعد والضوابط الفقهية القرافية للدكتور عادل ولي قوته (١/ ٣٢٢) فقد ساق لها أدلة كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>