للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علم ذلك فقد أجمع الفقهاء على أن المسلم فيه لا بد أن يكون دينًا موصوفًا.

وقولنا (دينًا موصوفًا) أخرج المعين، ولو كان موصوفًا؛ لأنه ليس بدين.

قال الباجي: «وأما السلم فلا بد أن يكون المسلم فيه موصوفًا؛ لأنه لا يصح أن يعرف إلا بالوصف؛ لأنه لا يجوز أن يكون معينًا، وإنما يكون متعلقًا بالذمة. وهذا لا خلاف فيه» (١).

وجاء في شرح ميارة: «لا خلاف أن من شروط السلم أن يكون متعلقًا بالذمة» (٢).

وبناء عليه فلا يجوز أن يكون المسلم فيه معينًا؛ لأن السلم وضع لبيع شيء في الذمة، بثمن معجل، ومقتضاه ثبوت المسلم فيه دينًا في ذمة المسلم إليه، ومحله ذمة المسلم إليه، فإذا كان المسلم فيه معينًا تعلق حق رب السلم بذاته، وكان محل الالتزام ذلك الشيء المعين، لا ذمة المسلم إليه، ومن هنا كان تعيين المسلم فيه مخالفًا لمقتضى العقد.

فإذا جعل السلم في شيء معين فلا يخلو: إما أن يكون هذا الشيء المعين مملوكًا لغيره، أو مملوكًا له وقت العقد.

فإن كان مملوكًا لغيره وقت العقد لم يصح العقد؛ لأنه باع ما لا يملك، وهذا مجمع على بطلانه، وقد تكلمنا عنه في مسألة بيع ما ليس عند البائع فأغنى عن إعادة الكلام عليه هنا.

وإن كانت السلعة مملوكة له، فإن كان التسليم حالًا فإن العقد صحيح، ولكن لا ينعقد سلمًا، وإنما هو بيع من البيوع.


(١) المنتقى (٤/ ٢٩٢).
(٢) شرح ميارة (٢/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>