للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يدخل في ضمانه، ذلك أنه قد باع دينًا موصوفًا متعلقًا في ذمته، ولم يبع شيئًا معينًا. وإذا كان يصح من المسلم إليه أن تنشغل ذمته بالضمان في بيع الموصوف في الذمة، فما المانع أن يكون المسلم ضامنًا للدين اتجاه المشتري الجديد، كما أن المسلم إليه ضامن للدين اتجاه المسلم، وبهذا لا يوجد مانع من الربح فيه؛ لأن ذمته مشغولة بضمانه، ولهذا قال المالكية: إن باع المسلَّم دين السلم على غير من هو عليه جاز أن يبيعه بأقل، وبأكثر مما اشتراه؛ لأنهم يرون أن ذمته مشغولة بالضمان، فأذنوا له بالربح، وإذا باع دين السلم على من هو عليه، لا يتصور أن يكون ضامنًا له، فاشترطوا ألا يربح فيه. وهذا قوي جدًا (١).

[الوجه الثاني]

على فرض أن يكون دين السلم ليس مضمونًا على المسلم، فإن الحديث إنما تضمن النهي عن ربح ما لم يضمن، وليس فيه النهي عن التصرف فيه، وبينهما فرق، فإذا اشترطنا أن يبيعه بمثل ثمنه، أو أقل، لا أكثر، لم يربح فيما لم يضمن، ولا تلازم بين التصرف، والضمان، بدليل أن المنافع المستأجرة يجوز


(١) جاء في المدونة (٤/ ٨٧): «قال مالك: لا بأس أن تبيع ما أسلفت فيه إذا كان من غير ما يؤكل ويشرب من غير الذي عليه ذلك السلف بأقل أو بأكثر أو بمثل ذلك إذا انتقدت وأما الذي عليه السلف فلا تبعه منه قبل الأجل بأكثر، ولا تبعه منه إلا بمثل الثمن أو أقل، ويقبض ذلك».
وقال ابن عبد البر في الكافي (ص: ٣٤٢): «وأما بيع ما أسلمت فيه من العروض كلها من غير بائعها فلا بأس بذلك قبل قبضه عند أجله، أو قبل أجله بما شئت من الثمن .... وهذا كله فيما عدا المأكول والمشروب».
وانظر تهذيب المدونة للبراذعي (٣/ ٧٠)، الخرشي (٥/ ٢٢٧)، بداية المجتهد (٢/ ١٥٥)، وانظر التاج والإكليل (٤/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>