للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمقبوض، وهو جائز شرعًا، خاصة أن القبض لم يرد له في الشرع حد معين، وإنما مرد ذلك إلى العادة والعرف.

[الدليل الرابع]

أن دين السلم دين ثابت في الذمة، فجاز الاعتياض عنه كغيره، فإذا جاز على الصحيح بيع الدين على من هو عليه، إذا كان المبيع بدل قرض، أو ثمن مبيع، ونحوهما، جاز ذلك في دين السلم.

(ح-٥٣٨) فقد روى أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير.

عن ابن عمر، قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يريد أن يدخل بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تتفرقا، وبينكما شيء (١).

[اختلف في رفعه ووقفه، ورجح شعبة والدارقطني وقفه] (٢).

فالحديث دليل على جواز بيع ما في الذمة على من هو عليه، وإذا جاز ذلك في ثمن المبيع جاز ذلك في دين السلم، حيث لا فرق.

وهو دليل أيضًا على أنه لا فرق بين كون الدين حالًا، أو كونه مؤجلًا؛ لأنه لما لم يسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدين، هل كان حالًا، أو مؤجلًا؟ ولو كان بينهما فرق في الشرع، لبينه عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك رد على المالكية الذين اشترطوا أن يكون الدين حالًا.


(١) مسند أبي داود الطيالسي (١٨٦٨)، ومن طريقه البيهقي (٥/ ٣١٥).
(٢) سبق تخريجه، انظر (ح ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>