للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ أحمد إبراهيم: «وأما العقد بالتلفون فالذي يظهر أنه كالعقد مشافهة، مهما طالت الشقة بينهما، ويعتبر العاقدان كأنهما في مجلس واحد، إذ المعنى المفهوم من اتحاد المجلس أن يسمع أحدهما كلام الآخر، ويتبينه، وهذا حاصل في الكلام بالتلفون، كما هو مشاهد لنا، غاية الأمر أنه يحتمل الكذب، وتصنع صوت الغير، لكن هذا قد يحصل في الرسالة والكتابة أيضًا» (١).

ويقول الأستاذ علي الخفيف: «إذا استعملا التلفون بالتعاقد كانا كحاضرين، فيدوم مجلس العقد ما دامت محادثتهما في شأنه، فإذا انتقلا منه إلى حديث في موضوع آخر انتهى مجلس العقد، وبطل بذلك الإيجاب» (٢).

وقد تبين لنا في بحث ألفاظ الإيجاب والقبول أن الشرع يعتبر الرضا هو الأساس في صحة العقود، لهذا أجاز الفقهاء التعاقد بالرسالة والكتابة وبالإشارة والمعاطاة، بل أجاز البيع بكل ما يدل على الرضا عرفًا، فكل ما عده الناس بيعًا فهو بيع، ومنه البيع عن طريق الهاتف.

يقول الحطاب: «واحتج المالكية بما تقدم من أن الأفعال، وإن انتفت منها الدلالة الوضعية، ففيها دلالة عرفية، وهي كافية، إذ المقصود من التجارة إنما هو أخذ ما في يد غيرك بدفع عوض عن طيب نفس منكما، فتكفي دلالة العرف في ذلك على طيب النفس والرضا بقول أو فعل» (٣).

واختار النووي والمتولي والبغوي من الشافعية، وابن تيمية من الحنابلة انعقاد


(١) مجلة القانون والاقتصاد، السنة الرابعة، العدد الخامس (ص: ٦٥٦) ..
(٢) أحكام المعاملات الشرعية، حاشية (ص: ١٩٢).
(٣) مواهب الجليل (٤/ ٢٢٨ - ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>