للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرضا الضمني أو الكناية:

بأن يصدر من صاحب العمل بعد العلم بالعيب فعل يدل على الرضا به، كما لو استغل المصنوع لغير ضرورة ولا تجربة (١)، أو عرضه للبيع.

فإن حصل مثل ذلك، فقيل: يسقط خياره، وهذا قول عامة أهل العلم (٢).

وقيل: لا يسقط خياره، وهو اختيار ابن حزم (٣).

وقد ذكرنا أدلتهم في خيار العيب فأغنى عن إعادته هنا.

والراجح:

ما ذهب إليه الجمهور، وأن التصرف في المبيع واستعماله دليل على رضاه به معيبًا، إذ لو كان يرغب في رده لم يتصرف في مال غيره تصرف الملاك، فتصرفه في مال غيره مع رغبته في رده يعتبر من الاعتداء على مال الغير، فحماية لحق البائع اعتبر انتفاعه بمال غيره من قبيل الرضا بالعيب، وأن مثل هذا مسقط لخياره، والله أعلم.

* * *


(١) أما إذا استغل المبيع للضرورة، كما لو اشترى ثوبًا، فلبسه، ثم وقف على عيبه، وهو في السوق، ولو خلعه لانكشفت عورته، أو استخدمه للتجربة بعد أن وقف على عيبه، فإن في هاتين المسألتين خلافًا في كون مثل ذلك مانعًا من الرد، وقد سبق إفرادهما بالبحث في عقد البيع، ولله الحمد.
(٢) الفتاوى الهندية (٣/ ٧٥)، بدائع الصنائع (٥/ ٢٨٢)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢١)، روضة الطالبين (٣/ ٤٨١)، كشاف القناع (٣/ ٢٢٤)،
قال ابن قدامة في المغني (٤/ ١٢٠): «فإن استغل المبيع، أو عرضه على البيع، أو تصرف فيه تصرفًا دالًا على الرضا قبل علمه بالعيب لم يسقط خياره ... وإن فعله بعد علمه بعيبه بطل خياره في قول عامة أهل العلم».
(٣) قال ابن حزم في المحلى، مسألة (١٥٨٦): «ولا يسقط ما وجب له من الرد: تصرفه بعد علمه بالعيب بالوطء والاستخدام والركوب واللباس والسكنى، ولا معاناته إزالة العيب، ولا عرضه إياه على أهل العلم بذلك العيب، ولا تعريضه ذلك الشيء للبيع ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>