للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«والذي تحصل عندي من كلام أهل المذهب، أنه إذا أجابه في المجلس بما يقتضي الإمضاء والقبول من غير فاصل لزمه البيع اتفاقًا.

وإن تراخى القبول عن الإيجاب حتى انقضى المجلس لم يلزمه البيع اتفاقًا» (١).

والإجماع الذي حكاه الحطاب رحمه الله لا يسلم حتى في مذهب المالكية، فقد نقلت رأي ابن العربي الذي يرى أن اتصال القبول بالإيجاب ليس بشرط مطلقًا.

وقد حكى الإجماع غير الحطاب، فقد حكاه ابن تيمية رحمه الله.

قال في معرض كلامه عن التحزيبات المحدثة في كتاب الله: «إن هذه التحزيبات المحدثة تتضمن دائمًا الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده، حتى يتضمن الوقوف على المعطوف دون المعطوف عليه، فيحصل القارئ في اليوم الثاني مبتدئًا بمعطوف، كقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤]، وقوله: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [الأحزاب:٣١] وأمثال ذلك، ويتضمن الوقوف على بعض القصة دون بعض - حتى كلام المتخاطبين - حتى يحصل الابتداء في اليوم الثاني بكلام المجيب، كقوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٧٥] ومثل هذا الوقوف لا يسوغ في المجلس الواحد إذا طال الفصل بينهما بأجنبي، ولهذا لو ألحق بالكلام عطف، أو استثناء، أو شرط، ونحو ذلك بعد طول الفصل بأجنبي لم يسغ باتفاق العلماء، ولو تأخر القبول عن الإيجاب بمثل ذلك بين المتخاطبين لم يسغ ذلك بلا نزاع» (٢).


(١) مواهب الجليل (٤/ ٢٤٠).
(٢) مجموع الفتاوى (١٣/ ٤١٠ - ٤١١)، وانظر الكتاب نفسه (٢١/ ١٣٩ - ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>