للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل اعتبر بعضهم لو صدر القبول مع الرجوع في وقت واحد، اعتبر الرجوع، وبطل به الإيجاب.

قال ابن الهمام: «لو صادف رد البائع قبول المشتري بطل» (١).

وقيل: ليس له حق الرجوع إذا صدر بصيغة الماضي، أو صدر بغير الماضي


= وضرب بولوك لذلك مثلًا: رجل عرض على آخر في الصباح أن يبيعه سلعة، وانتظره إلى الساعة الرابعة بعد الظهر ليبت في الشراء، ففي هذه الحالة يجوز للموجب أن يعدل عن إيجابه، ويبيع السلعة لآخر حتى قبل حلول الموعد المضروب، ما دام الطرف الآخر لم يقبل الصفقة».
وفي القانون الأردني أيضًا نصت المادة (٩٨) من القانون المدني على أنه: «إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد».
ويبين من هذا النص أن الموجب إذا حدد ميعادًا للقبول أو ظهر من الظروف أنه يقصد إعطاء ميعاد معقول لذلك، بقي ملتزمًا هذه المدة بعدم العدول عن إيجابه، وأن الإيجاب غير الملزم هو الذي خلا من تحديد هذه المدة، وكان التعاقد بين حاضرين، وانظر نظرية العقد للسنهوري (١/ ٢٤٤).
ويظهر أن هذا القول وسط بين قولين: الأول: يرى أن الموجب له حق الرجوع مطلقًا. والثاني: يرى أن الموجب لا يحق له الرجوع، والقول الثالث: قول وسط: وهو إذا حدد ميعادًا للقبول فإنه يبقى ملتزمًا هذه المدة بعدم العدول عن إيجابه، ويرى أصحاب هذا القول بأن القول بأن الإيجاب غير ملزم مطلقًا يؤدي إلى حرمان المعاملات وعلى الأخص التجارية منها من عامل الاستقرار التي لا غنى عنه؛ لأن التاجر الذي يوجه إليه إيجاب يوازن عادة بينه وبين إيجاب مماثل يوجه إليه من الغير، فقد يفوته أحدهما على أهميته بناء على وجود إيجاب آخر أفضل منه، فإذا لم نلزم الموجب بالبقاء على إيجابه مدة ما أصبنا الموجب له بضرر فادح، وأشعنا الفوضى في المعاملات. لكن عند التأمل أرى أن هذا القول الوسط ليس قولًا، وإنما هو عمل بالشرط بين المتبايعين، فكل من ألزم نفسه شرطًا لا يخالف الشرع، ولا ينافي مقتضى العقد، وله فيه مصلحة، فيجب الوفاء به.
(١) شرح فتح القدير (٦/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>