للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي تقدم قول الإمام أحمد في اشتراط نفي الضمان عن العارية، والمذهب أن العارية مضمونة مطلقًا، وعن الإمام أحمد في رواية أنه حين ذكر ذلك له، قال: المسلمون على شروطهم (١).

فما ورد عن الإمام أحمد ليس نصًا في ضمان العين المستأجرة، والله أعلم.

والنقاش: هل يصح تخريجه على الوديعة والعارية بجامع أن كلًا منهما من باب اشتراط ضمان الأمانات.

هل يقال: إذا صح التزام الضمان في الوديعة، وهي مقبوضة لحظ صاحبها، والمودَع محسن، فالتزام الضمان في الإجارة من باب أولى؛ لأنه قد قبضها لمصلحتهما (المؤجر والمستأجر)؟

أو يقال: يختلف الضمان في الوديعة والعارية عن الضمان في الإجارة، فالعقدان الأولان ليسا من عقود المعاوضة، فالغرر فيهما مغتفر، وأما الإجارة فإنها من عقود المعاوضة، والتزامه يجعل الضمان جزءًا من الإجارة، والإجارة يجب أن تكون معلومة، والجهالة فيها يفسد العقد، فلا يصح التخريج.

الذي أميل إليه هو الثاني، وأن التخريج على الوديعة والعارية لا يصح.

وأما ما ورد عامًا عن بعض المالكية والحنابلة في صحة اشتراط الضمان في الأمانات، فيقال: إن الأمانات ليست معاملة واحدة، منها ما هو على سبيل المعاوضة، والتزامه يكون غررًا، فيؤثر في صحة العقد، ومن الأمانات ما ليس من عقود المعاوضات، والتزام الضمان لا يوجب غررًا، أو يوجبه، وهو مغتفر في باب التبرعات، فلا يؤثر في صحة العقد، فيحمل كلام الأئمة على الثاني


(١) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>