للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في المدونة: «أرأيت إن استأجرت دارًا على من مرمة الدار، وكنس الكنف وإصلاح ما وهى من الجدران والبيوت؟ قال: على رب الدار. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: سألنا مالكا عن الرجل يكري الدار، ويشترط على أنه إن انكسرت خشبة أو احتاجت الدار إلى مرمة يسيرة كان ذلك على المتكاري، قال مالك: لا خير في ذلك إلا أن يشترطه من كرائها فهذا يدلك على أن المرمة كلها في قول مالك على رب الدار» (١).

وجاء في المهذب: «وعلى المكري إصلاح ما تهدم من الدار، وإبدال ما تكسر من الخشب؛ لأن ذلك من مقتضى التمكين فكان عليه» (٢).

وقال ابن قدامة: «يجب على المكري ما يحتاج إليه من التمكين من الانتفاع كمفتاح الدار، وزمام الجمل، والقتب والحزام، ولجام الفرس، وسرجه؛ لأن عليه التمكين من الانتفاع، ولا يحصل إلا بذلك، وما تلف من ذلك في يد المكتري لم يضمنه كما لا يضمن العين، وعلى المكري بدله؛ لأن التمكين مستحق عليه إلى أن يستوفي المكتري المنفعة، فأما ما يحتاج إليه لكمال الانتفاع كالحبل، والدلو، والمحمل، والغطاء، والحبل الذي يقرن به بين المحملين فهو على المكتري؛ لأن ذلك يراد لكمال الانتفاع فأشبه بسط الدار» (٣).

والذي يظهر لي أن هذا الكلام من الفقهاء تحكيم للعادة الجارية في زمانهم فالمحكم في ذلك العرف والعادة، تمامًا كما قلنا ذلك في عقد البيع فيما يدخل في المبيع وما لا يدخل فيه.


(١) المدونة (٤/ ٥٠٩).
(٢) المهذب (١/ ٤٠١).
(٣) الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>