للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار ابن قدامة والمتأخرون من الحنابلة إلى أن العقد جعالة، ولا يستحق شيئًا من الأجرة حتى يوجد البرء (١).

[وجه القول بالجواز]

إن كان العقد إجارة فوجه القول بالجواز: أن الطبيب لا يشارط على الشفاء إلا على مرض يغلب على ظنه حصول البرء، ولا يقدم الطبيب على المشارطة على البرء إذا كان المرض من شأنه أن يطول، أو لا يقبل الشفاء.

وعلى القول بأن العقد جعالة فوجه القول بالجواز أن الجهالة في عقد الجعالة لا تضر بالاتفاق.

[القول الثاني]

لا يجوز، وهو مذهب الجمهور، وقول في مذهب المالكية (٢)، واختيار ابن حزم.

[وجه القول بالمنع]

أن الشفاء بيد الله، ولا يقدر عليه أحد من الخلق، ولأن في اشتراطه غررًا، فقد يطول العلاج، ولا يحصل الشفاء، وقد يقصر العلاج فيأخذ أكثر مما يستحق، لذلك كان اشتراط البرء من الغرر المنهي عنه.

قال ابن حزم: «ولا تجوز مشارطة الطبيب على البرء أصلًا؛ لأنه بيد الله، لا بيد أحد، وإنما الطبيب معالج، ومقو للطبيعة بما يقابل الداء، ولا يعرف كمية قوة الدواء من كمية قوة الداء، فالبرء لا يقدر عليه إلا الله» (٣).


(١) المغني (٥/ ٣١٤)، الإنصاف (٦/ ٧٥)، كشاف القناع (٤/ ٢٧).
(٢) الفواكه الدواني (٢/ ١١٥)، التمهيد (٥/ ٢٦٤)، فتح المعين (٣/ ١٢٢)، روضة الطالبين (٥/ ١٩٣)، كشاف القناع (٤/ ١٤).
(٣) المحلى، المسألة (١٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>