للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قلنا: إنها رفق لم يدخلها خيار المجلس كالقرض. وإذا قلنا: إنها بيع دخلها خيار المجلس كالصرف، وأما خيار الثلاث ـ يعني خيار الشرط ـ فلا يدخلها بالإجماع» (١).

فانظر كيف اعتبر العمراني بأنها بيع قصد منه الإرفاق، فإذا كان هذا هو القصد منه فقد خرجت عن حكم البيع، والله أعلم.

[القول الثالث]

الحوالة من باب استيفاء الحق، وليست بيعًا. وهذا اختيار ابن تيمية وابن القيم.

قال ابن تيمية: «الحوالة من جنس إيفاء الحق، لا من جنس البيع، فإن صاحب الحق إذا استوفى من المدين ماله كان هذا استيفاء، فإذا أحاله على غيره كان قد استوفى ذلك الدين عن الدين الذي له في ذمة المحيل، ولهذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحوالة في معرض الوفاء، فقال في الحديث الصحيح: مطل الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع. فأمر المدين بالوفاء، ونهاه عن المطل، وبين أنه ظالم إذا مطل، وأمر الغريم بقبول الوفاء إذا أحيل على مليء» (٢).

وقولنا: الحوالة بمعنى الاستيفاء، المراد أن المحال بقبوله الحوالة، يكون قد استوفى دينه من المحيل حكمًا، بدليل أن المحيل تبرأ ذمته من الدين بمجرد الحوالة، بحيث لا يرجع عليه المحال بحال، ولهذا اعتبر الفقهاء الحوالة بمنزلة القبض وإلا فالحوالة بمجردها لا يحصل بها استيفاء من المحال عليه حقيقة، والله أعلم.


(١) البيان للعمراني (٦/ ٢٨٧ - ٢٨٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥١٣)، وانظر إعلام الموقعين (٢/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>