للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحنفية يرون أن العقد حوالة مقيدة، ينتقل فيها الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.

والجمهور يرون أنه وكالة بالقبض، يكون فيها المحال (الوكيل) نائبًا عن الموكل (المحيل)، وليس بديلًا عنه، فإذا قبض العين، تم تسليط الوكيل على ملكها بعد قبضها عن الدين الذي له في ذمة الموكل.

وهذا أقرب، قال السرخسي: «حقيقة الحوالة هي المطلقة، فأما المقيدة من وجه فتوكيل بالأداء والقبض» (١).

وهذا الكلام من السرخسي يتفق مع توصيف الجمهور، وقد يرفع الخلاف بينهما لو كان هذا على إطلاقه، لكن ما أعرفه من مذهب الحنفية أنهم يقولون هذا عند اختلاف المحيل والمحال عليه، هل قصد بالعقد الحوالة أو الوكالة؟ وأيضًا في مسألة ما إذا أدى الحوالة المحال عليه، ثم رجع على المحيل، فقال المحيل: إنها حوالة بالدين الذي لي عليك، وقال المحال عليه: لست مدينًا لك بشيء.

ولو كان الحنفية يرون أن المحال على العين هي وكالة في القبض لم يضمِّنوا المحال عليه إذا دفع العين للمحيل بدلًا من المحال، مع أن دفع المال للموكل يسقط حق الوكيل بالمطالبة بالقبض؛ لأن دفع المال للأصيل يعتبر دفعًا لنائبه، وهذا لا يقول به الحنفية في الحوالة على العين.

جاء في حاشية ابن عابدين: «لو دفع المحال عليه العين أو الدين إلى المحيل ضمنه للطالب (المحال)؛ لأنه استهلك ما تعلق به حق المحتال» (٢).

وهذا صريح أنهم لا يرون الحوالة بالعين بمنزلة الوكالة بالقبض، والله أعلم.

* * *


(١) المبسوط (٢٠/ ٥٤).
(٢) حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>