للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الدكتور محمد يوسف موسى: «إنني أرى وجوب التفرقة بين ضروب الأعمال المختلفة التي يحتاج القائمون بها إلى الاقتراض بفوائد ثابتة، في شكل سندات يصدرونها لأصحاب الأموال. إنني أرى - والعلم لله وحده- أنه لا يجوز شرعًا أن يتوسع تاجر، أو صانع، أو صاحب مؤسسة، أو شركة في أعماله، معتمدًا على الاقتراض بفائدة، ولكن هناك مشاريع عمرانية، لا بد منها للبلد، تقوم بها الدولة، أو بعض الأفراد، وهناك شركات صناعية تقوم بأعمال حيوية للأمة لا تستغني عنها بحال، ويتوقف على هذه الأعمال كثير من المرافق العامة القومية، فهذه المشروعات والشركات والمؤسسات العامة وأمثالها أن يسندها القادرون بالمساهمة فيها على الوجه الذي لا خلاف في جوازه شرعًا، أي بأن يكونوا أصحاب أسهم لا سندات، فإن لم يكن هذا ممكنًا، وكان من الضروري أن تظل قائمة بأعمالها التي لا غنى للأمة عنها، كان لها شرعًا إصدار سندات بفائدة مضمونة تدفع من الأرباح التي لا شك في الحصول عليها من المشروع، ما دام لا وسيلة غير هذه تضمن لها البقاء، وما دام وجودها وبقاؤها ضروريًا للأمة. إن هذا لا يكون من الربا المحرم شرعًا، الربا الذي يكون تجارة لمن يقوم به، ولفائدته وحده، على أنه إن كان ربا، أو فيه شبهة من الربا الذي لا شك في أنه حرام شرعًا، فهو يجوز للضرورة كما قلنا، فالضرورة تبيح المحظورات، وما ضاق أمر إلا واتسع حكمه، رحمة من الله بالناس، والمشقة تجلب التيسير، وكل هذه قواعد كلية عامة، يعرفها الفقه والفقهاء، بل إن الفقه قام عليها في كثير من أحكامه» (١).


(١) الإسلام ومشكلاتنا الحاضرة (ص: ٦٣، ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>