للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنهم إذا باعوا درهمًا بدرهمين، ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين النوعين إما في الجودة، وإما في السكة، وإما في الثقل والخفة، وغير ذلك تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا النسيئة، وهي ذريعة قريبة جدًا، فمن حكمة الشارع أن سد عليهم هذه الذريعة، ومنعهم من بيع درهم بدرهمين نقدًا ونسيئة، فهذه حكمة معقولة مطابقة للمعقول، وهي تسد عليهم باب المفسدة» (١).

ويقول شيخنا ابن عثيمين: وجه ذلك أنه إذا جازت الزيادة من أجل الوصف، انتقل الذهن إلى جواز الزيادة من أجل التأجيل فوقع في ربا النسيئة (٢). اهـ

ولا يعني ذلك أنه ليس من المحرمات، فإن الخمرة حرمت من أجل الإسكار، وحرم القليل منه وإن لم يسكر لكونه ذريعة إليه؛ لأن المرء إذا اعتاد القليل خلص إلى الكثير، فالكل حرام في شريعة الله، بل حرم تصنيعها، وترويجها، والمساعدة فيها.

فلا يجوز قياس ما حرم تحريم مقاصد كالاقتراض من البنوك الربوية، على ما حرم تحريم وسائل، قد تبيحه الحاجة.

وعندي أن الصحيح في تحريم ربا الفضل أنه محرم تحريم مقاصد، وسوف يأتي بسط ذلك في موضعه من هذا البحث.

[الجواب عن الاحتجاج بجواز يسير الغرر]

وأما الاحتجاج بجواز يسير الغرر على جواز الربا للحاجة، فهناك فرق كبير بين الغرر والربا من وجوه.


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٥٥).
(٢) قاله الشيخ في دروس له مسجلة، جوابًا على سؤال: كيف جازت العرايا، وهي حرام من أجل الحاجة دون الضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>