للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثاله: أن القرآن الكريم لما حرم الخمر فقد حرم حقيقتها دون صورها الموجودة في عهد نزوله بخصوصها، فهل يجوز لعاقل أن يقول: إنما الحرام تلك الصور المخصوصة من الخمر التي كانت موجودة في عهد نزول القرآن؟ والتي كانت تصنع بالأيدي، ولا تحرم هذه الخمور الحديثة التي تصنع بالمكينات والطرق الكيماوية.

وكذلك لما حرم القرآن الربا فقد حرم حقيقته، وهي الزيادة المشروطة، ولم يحرم الصور الموجودة منه في عهد نزوله بخصوصها، فتدخل في الحرمة كل صورة تصدق عليها هذه الحقيقة، سواء كانت تلك الصورة موجودة عند نزول القرآن، أو كانت محدثة فيما بعد من الزمان، فالأساليب والصور قد تتغير من عصر إلى آخر، وهذا لا يغير شيئًا من حقيقة الربا (١).

[الفرضية الثانية]

أن قروض الاستثمار لم تكن موجودةً في عهد نزول القرآن.

وهذا الكلام دعوى بلا برهان، فإن القروض الإنتاجية بمختلف أنواعها التجارية والزراعية كانت سائدة في الجاهلية: فالسنة النبوية تنقل لنا حال المزارعين في المدينة حال مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان أهل يثرب أهل زراعة، فيحتاجون الأموال لاستصلاح الزراعة، وربما أخذوا القروض المؤجلة لسنة أو لسنتين، إلى ثلاث سنين وهي ليست قروضًا استهلاكية:

(ح-٦٨٥) فقد روى البخاري من طريق أبي المنهال.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: أسلفوا في الثمار في كيل معلوم، إلى أجل معلوم (٢).


(١) تكملة فتح الملهم بشرح صحيح مسلم (١/ ٣٦٠).
(٢) البخاري (٢٢٥٣)، ومسلم (١٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>