للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا واضح أن ابن عباس كان يعتقد أنه لا ربا فيما كان يدًا بيد، وأنه يجوز بيع درهم بدرهمين، ودينار بدينارين، وصاع تمر بصاعين، وكذا الحنطة وسائر الربويات، وأن الربا لا يحرم في شيء من الأشياء إلا إذا كان نسيئة، وهذا معنى قوله في الرواية الثانية (لا ربا إلا في النسيئة)، وقد قال النووي نحو هذا في شرحه لهذا الحديث (١).

وقال ابن رشد: «وأما الربا في البيع فإن العلماء أجمعوا على أنه صنفان: نسيئة، وتفاضل إلا ما روي عن ابن عباس من إنكاره الربا في التفاضل لما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا ربا إلا في النسيئة» (٢).

وقال ابن قدامة: «والربا على ضربين: ربا الفضل، وربا النسيئة، وأجمع أهل العلم على تحريمهما، وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة، فحكي عن ابن عباس، وأسامة بن زيد، وزيد بن أرقم، وابن الزبير أنهم قالوا: إنما الربا في النسيئة لقوله عليه السلام: (لا ربا إلا في النسيئة)» (٣).

ثانيًا: من المعلوم أن ربا الجاهلية نص عليه القرآن، ولو كان ابن عباس لا يقول إلا بربا الجاهلية لكان معنى ذلك أنه أخذه من كتاب الله، كيف لا، وهو ترجمان القرآن، وقد نص ابن عباس أن رأيه الذي قاله في الربا لم يأخذه من كتاب الله، وبناء عليه فالقول الذي قاله ابن عباس ليس هو ربا الجاهلية المذكور في كتاب الله.

(ح-٦٨٨) روى مسلم في صحيحه من طريق سفيان، عن عمرو، عن أبي صالح، قال:

سمعت أبا سعيد الخدري يقول: الدينار بالدينار، والدرهم


(١) انظر شرح النووي لصحيح مسلم (١١/ ٢٣).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ٩٦).
(٣) المغني (٤/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>