للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أن ربا الفضل تحريمه من تحريم المقاصد، وليس من تحريم الوسائل، وأرى أن هذا القول لبعض الفضلاء قد استغله بعض الباحثين المعاصرين ليدخل منه إلى أن المحرم هو ربا الجاهلية فقط، والعلماء لا يقولون بذلك، والدليل على أن تحريم ربا الفضل من تحريم المقاصد أدلة كثيرة، منها:

(ح- ٧١٠) ما رواه البخاري الشيخان من طريق معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، قال: سمعت عقبة بن عبد الغافر.

أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جاء بلال بتمر برني، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر ردي، فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: أوه أوه عين الربا عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتره به (١).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (عين الربا) وتكرار ذلك، والنهي عن الفعل كل ذلك يدل صراحة على أن ربا الفضل تحريمه تحريم مقاصد، وليس تحريمه من باب الوسائل، كما قال بعض أهل العلم والفضل.

وقال القاضي عياض: «قوله (عين الربا) أي هو الربا المحرم نفسه من الزيادة، لا ما يشبهه ويغامر عليه» (٢).

وقال الحافظ في الفتح: «مراده بعين الربا: نفسه» (٣).

وقال العيني: «أي هذا البيع نفس الربا حقيقة» (٤).


(١) البخاري (٢٣١٢)، ومسلم (١٥٩٤).
(٢) إكمال المعلم (٥/ ٢٧٩).
(٣) الفتح (٤/ ٤٩٠).
(٤) عمدة القارئ (١٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>