للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن القول بأنها غير محفوظة يحل لنا إشكالًا فقهيًا، فإننا لو قلنا: إن العلة في الذهب والفضة هي الوزن لكان ذلك يعني أمرين مشكلين.

[الإشكال الأول]

أنه لا يجوز إسلام الذهب والفضة بالموزونات؛ لأن كل شيئين جمعتهما علة واحدة في الربا لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر، كما لا يجوز إسلام الشعير بالبر، فلما جاز إسلام الموزونات بالذهب أو بالفضة علم أن العلة في الذهب والفضة ليست الوزن.

قال ابن القيم: «وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة العلة فيهما كونهما موزونين وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ومذهب أبي حنيفة وطائفة قالت العلة فيهما الثمنية وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى وهذا هو الصحيح بل الصواب، فإنهم أجمعوا على جواز إسلامهما في الموزونات من النحاس والحديد وغيرهما، فلو كان النحاس والحديد ربويين لم يجز بيعهما إلى أجل بدراهم نقدًا، فإن ما يجري فيه الربا إذا اختلف جنسه جاز التفاضل فيه دون النساء والعلة إذا انتقضت من غير فرق مؤثر دل على بطلانها، وأيضا فالتعليل بالوزن ليس فيه مناسبة فهو طرد محض» (١).

[الإشكال الثاني]

لو قلنا: إن العلة في الذهب والفضة هي الوزن لكان ذلك يعني عدم جريان الربا في النقود الورقية، لأنها لا توزن، فلا حرج في بيع الأوراق النقدية بعضها ببعض مع التماثل والنسأ، وبهذا نكون قد فتحنا بذلك باب الربا على مصراعيه


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>