للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد ثمنًا، ولا يتعامل به وزنًا، كالفلوس، والورق النقدي (١)، فإن الظلم الذي راعى الشارع إبعاده في تحريم الربا في النقدين (الدراهم والدنانير) واقع في التعامل بالورق النقدي.

[وجه من قال: العلة غلبة الثمنية]

أن الذهب والفضة جوهران متعينان لثمنية الأشياء، فالثمنية لا تنفك عنهما، ورائجان عند جميع الناس لخصائص ومزايا اعتبرت فيهما، ولا يشبههما غيرهما وهذا الوصف قاصر عليهما، لا يتعداهما إلى غيرهما، ومعنى كون العلة قاصرة: أن الربا لا يجري في الفلوس والأوراق النقدية ولو كانت رائجة رواج النقدين، لأن الثمنية طارئة عليهما، ولأن المعنى القائم في الذهب والفضة لا يوجد فيهما من كل وجه، ويجري الربا في الأواني والتبر والحلي وإن لم تكن قيمًا للأشياء (٢).

[ويناقش من وجوه]

[الوجه الأول]

أن العلة القاصرة إذا كانت غير منصوصة، ولا مجمعًا عليها، كما هو الحال


(١) ذهب الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف عليهما رحمة الله إلى جواز بيع الفلس بفلسين بأعيانها.
ومنع ذلك محمد بن الحسن؛ لأنه عد الفلوس أثمانًا قائمة مقام الدراهم والدنانير، فلا يجوز بيعها بجنسها مع التفاضل؛ لأنها أصبحت بالتعامل كالدراهم والدنانير. انظر البحر الرائق (٦/ ١٤٢)، المبسوط للشيباني (٥/ ٥٧)، المبسوط (١٢/ ١٨٣)، بدائع الصنائع (٥/ ٢٣٧)، فتح القدير (٧/ ٢١).
(٢) انظر مغني المحتاج (٢/ ٢٥)، التقرير والتحبير (٣/ ٢٢٥)، وقال في المجموع (٩/ ٤٩٠): «فأما الذهب والفضة فالعلة عند الشافعي فيهما كونهما من جنس الأثمان غالبًا، وهذه عنده علة قاصرة عليهما لا تتعداهما؛ إذ لا توجد في غيرهما».

<<  <  ج: ص:  >  >>