للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز في غيرهما، وإنما قالوا: يجوز السلم في كل ما يضبط وصفه، سواء أكان ذلك بالكيل، أم الوزن، أم الذرع، أم العد.

السادس: «علة التحريم لا تؤخذ من أداة التقدير للشيء، إنما علة التحريم تكون في ذات الشيء، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خص بعض الأشياء بمنع التفاضل فيها عند اتحاد جنسها، وضرورة قبضها عند بيع بعضها ببعض، فلا بد أن يكون ذلك التحريم لأوصاف أو منافع خاصة في هذه الأموال، لا لكونها تكال أو توزن.

السابع: أن الوزن والكيل ليسا وصفين ملازمين للأموال، بل هما أمران عارضان، ومن الأشياء ما تعين مقاديرها في بلد بالكيل، وفي آخر بالوزن، وإن ذلك قد يؤدي إلى أن يكون قد تتحقق فيه علة الربا في بلد، ولا تتحقق فيه علة الربا في بلد آخر، ويكون للشارع في أمر واحد حكمان متناقضان» (١).

قال الماوردي: «التمر يكال بالحجاز، ويوزن بالبصرة والعراق، والبر يكال تارة في زمان، ويوزن أخرى، والفواكه قد تعد في زمان، وتوزن في زمان، فلم يجز أن يكون الكيل علة؛ لأنها تقتضي أن يكون الجنس الواحد فيه الربا في بعض البلدان، ولا ربا فيه في بعضها، وفي بعض الأزمان، ولا ربا فيه في غيرها، وعلة الحكم يجب أن تكون لازمة في البلدان، وسائر الأزمان، وهذا موجود في الأكل» (٢).

فإن قيل: إن العبرة بالمعيار في وقت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالجواب: أن المكيال والميزان أمران عرفيان لم يحدث فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - تغييرًا عما كان يعمل في الجاهلية.


(١) بحوث في الربا - محمد أبو زهرة (ص: ٤٩).
(٢) الحاوي (٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>