للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثامن: أن الربا يجري بين التمرتين والثلاث، مع العلم أنها لا تكال.

ذكر القرافي في معرض استدلاله على عدم التعليل بالكيل، بقوله: «لا يخفاك أن الكيل ليس بصفة ثابتة، بل عارض، وليس بصفة مختصة، بل غير مختص، وليس بصفة مقصودة عادة من هذه الأعيان، وليس بصفة جامعة للأوصاف المناسبة كلها، بل ليس هو بصفة سابقة على الحكم، وإنما هو لاحق مخلص من الربا كالقبض، فلا يصلح أن يكون علته على أنه يمتنع في القليل كالتمرة والتمرتين ونحوهما بخلاف علة مالك» (١).

وذكر الماوردي: أن الأكل علة يوجد الحكم بوجودها ويعدم بعدمها، والكيل علة يوجد الحكم مع عدمها، ويعدم الحكم مع وجودها، وهو أن الزرع إذا كان حشيشا أو قصيلًا لا ربا فيه؛ لعدم الأكل عندنا، وعدم الكيل عندهم، فإذا صار سنبلًا ثبت فيه الربا عندنا؛ لأنه مأكول، وثبت فيه الربا عندهم، وهو غير مكيل. فإن قيل يصير مكيلًا. قيل: وكذلك إذا كان حشيشًا.

فإذا صار السنبل خبزًا ثبت فيه الربا عندنا: لأنه مأكول، وثبت فيه الربا عندهم، وهو غير مكيل، فإن قيل: يحصل فيه الربا لأنه موزون.

قيل: ما ثبت فيه الربا لا تختلف علته باختلاف أوصافه، فإذا صار الخبز رمادًا فلا ربا فيه عندنا: لأنه غير مأكول، ولا ربا فيه عندهم وهو مكيل، فثبت أن علتنا يوجد الحكم بوجودها، ويعدم بعدمها، وعلتهم يوجد الحكم مع عدمها في السنبل، ويعدم الحكم مع وجودها في الرماد، فثبت أن التعليل بالأكل أصح لهذه الدلائل الأربعة» (٢).


(١) الفروق (٣/ ٢٥٩).
(٢) الحاوي (٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>