للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرطب إذا يبس نقص وزنه، فيكون سؤاله عنه سؤال تعرف واستفهام، وإنما هو على الوجه الذي ذكرته، وهذا كقول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح

ولو كان هذا استفهامًا لم يكن فيه مدح، وإنما معناه أنتم خير من ركب المطايا. وهذا الحديث أصل في أبواب كثيرة من مسائل الربا، وذلك أن كل شيء من المطعوم مما له نداوة، ولجفافه نهاية فإنه لا يجوز رطبه بيابسه ..... ولفظ الحديث عام، لم يستثن فيه نسيئة من نقد، والمعنى الذي نبه عليه في قوله: أينقص الرطب إذا يبس يمنع من تخصيصه، وذلك كأنه قال: إذا علمتم أنه ينقص في المتعقب فلا تبيعوه، وهذا المعنى قائم في النقد والنسيئة معًا ... » (١).

[الدليل الثاني]

قال النووي: «قد اتفق العلماء على تحريم بيع الرطب بالتمر في غير العرايا، وأنه ربا» (٢).

وقال ابن نجيم: «أجمعوا على أن بيع الرطب بالتمر متفاضلًا لا يجوز» (٣).

والرطب بالتمر لا يمكن المماثلة بينهما، لانفراد الرطب بالنقصان إذا جف، فتقع المفاضلة المحرمة، ولذلك منع الحنفية بيع الحنطة المقلية بغير المقلية (النيئة)، وبيع الحنطة بدقيقها لعدم التماثل في الكيل، وإن حصل التماثل في الصورة، فكذا الرطب بالتمر لا يتماثلان في الكيل، وإنما التماثل المعتبر في حال اعتدال البدلين.


(١) معالم السنن (٣/ ٦٥ - ٦٦).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ١٨٨)، وانظر طرح التثريب (٦/ ١٣٤).
(٣) البحر الرائق (٦/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>