للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان ذلك كذلك كان هذا نصًا منهما على أن الحلية التي في القلادة مال ربوي، ولو كانت القلادة سلعة من السلع لم ينظر إلى مقدار الثمن، سواء كان أقل أو أكثر؛ لأن المعيار بالوزن إنما يشترط في مبادلة الربوي بمثله، وأما غير الربوي فيكفي رؤيته لتنتفي جهالته، مثله مثل الحنطة إذا بيعت جزافًا بدراهم جاز، ولا يشترط أن يعلم مقدارها بالكيل، وإذا بيعت بالحنطة اشترط التماثل بالمعيار الشرعي الذي هو الكيل.

قال ابن تيمية: «إذا لم يعلم مقدار الربوي بل يخرص خرصًا مثل القلادة التي بيعت يوم حنين، وفيها خرز معلق بذهب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تباع حتى تفصل، فان تلك القلادة لما فصلت كان ذهب الخرز أكثر من ذلك الذهب المفرد فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع هذا بهذا حتى تفصل؛ لأن الذهب المفرد يجوز أن يكون أنقص من الذهب المقرون، فيكون قد باع ذهبًا بذهب مثله، وزيادة خرز وهذا لا يجوز، وإذا علم المأخذ فإذا كان المقصود بيع دراهم بدراهم مثلها وكان المفرد أكثر من المخلوط كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة بحيث تكون الزيادة في مقابلة الخلط لم يكن في هذا من مفسدة الربا شيء إذ ليس المقصود بيع دراهم بدراهم أكثر منها، ولا هو بما يحتمل أن يكون فيه ذلك، فيجوز التفاوت» (١).

وهذا القول من ابن تيمية رحمه الله يهدم دعوى أن القلادة سلعة، ويجعل الحلية التي في القلادة مالًا ربويًا، ولذلك اشترط أن يكون الذهب المفرد أكثر من الذهب الذي في القلادة، حتى يكون الذهب بالذهب مثلًا بمثل، وما زاد في مقابلة الخرز، كمسألة مد عجوة ودرهم تمامًا، ومسألة مد عجوة ودرهم لم يقل


(١) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>