للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأحاديث التي احتج بها الجمهور، والتي تعتبر نصًا في الموضوع

(ح-٧٧١) ما رواه مالك في الموطأ، عن حميد بن قيس المكي.

عن مجاهد، أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر، فجاءه صانع، فقال له: يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب، ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه، فأستفضل من ذلك قدر عمل يدي، فنهاه عبد الله عن ذلك، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة، وعبد الله ينهاه، حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابة يريد أن يركبها، ثم قال عبد الله: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا، وعهدنا إليكم (١).

[سنده صحيح] (٢).


(١) موطأ مالك (٢/ ٦٣٣).
(٢) ومن طريق مالك أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٤٥٧٤)، والشافعي في مسنده (ص: ٢٣٨)، والنسائي في المجتبى (٤٥٦٨)، وفي السنن الكبرى (٦١٦١)، الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٦٦)، وفي مشكل الآثار (١٥/ ٣٨٣)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (١/ ٢٩٨)، والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٧٩، ٢٩٢)، وفي معرفة السنن (٤/ ٢٩٢).
وقد رواه الشافعي في السنن المأثورة (ص: ٢٦٦) أخبرنا سفيان - يعني ابن عيينة - عن وردان الرومي، أنه سأل ابن عمر، فقلت: إني رجل أصوغ الحلي، ثم أبيعه، فأستفضل قدر أجرتي، أو عمل يدي، فقال ابن عمر رضي الله عنه: الذهب بالذهب لا فضل بينهما، هذا عهد صاحبنا إلينا، وعهدنا إليكم.
قال المزني: قال الشافعي رحمه الله: يعني صاحبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ورواية مجاهد عن ابن عمر أرجح من رواية وردان الرومي عن ابن عمر، خاصة أن وردان الرومي لم يوثقه أحد، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وسكت عليه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٩/ ٣٦)، والبخاري في التاريخ الكبير (٨/ ١٧٩). وفي التقريب مقبول. فرواية مالك أرجح من رواية الشافعي، على أنه يمكن الجمع بينهما، فتكون رواية وردان بقوله (صاحبنا) يعني نبينا كما جاء مفسرًا ذلك في رواية مجاهد، وهذا أرجح من تفسير الإمام الشافعي عليه رحمة الله.
قال الزرقاني في شرح الموطأ (٣/ ٣٥٦): «قول الشافعي يعني به أباه عمر غلط على أصله؛ لأن صاحبنا مجمل، يحتمل أنه أراد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الأظهر، ويحتمل أنه أراد عمر، فلما قال مجاهد، عن ابن عمر، عهد نبينا، فسر ما أجمل ... ». والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>